سؤال عن الخلقيدونيين

† Home † † About us † † Contact † † + Blog + † † Published Articles † † Life of St. Antony † † Glorification † † Excerpts † † Books † † Shared Files † † Photos † † Videos & Links † † Videos & Links 2 † † Videos & Links 3 † † Videos & Links 4 † † TV Stream URLs † † The Story of St Antony Monastery † † Bishop Karas' Commemoration † † Coptic Schools in USA † † Proof of the Resurrection † † One Nation Under God † † سؤال عن الخلقيدونيين † † Requirements to Believe † † Comment pouvons-nous déveloper notre foi † † Sermons † † Back from Dead † † Terrorist Attack † † The Didache † † يسوع المسيح † † Fr Bishoi Kamel CTV † † First Amendment of Constitution † † Orthodox Families' Consultations † † Orthodox Families' Communiques † † Orthodox Families' Statements †



سؤال عن الخلقيدونيين
(Eastern Orthodox Church and Catholic Church…etc.)
 
أين هى نقطة الخلاف؟ لقد كان هناك كلام كثير عن أن الإختلاف بين الخلقيدونيين والغير خلقيدونيين هو اختلاف فى التعبير والألفاظ فقط. لكن لنرى هل هذا الكلام صحيح أم ليس كذلك!
بدأ الإختلاف ومعه الإنقسام (بغض النظر الآن عن أى دوافع سياسية أو رئاسية) بدأ باعتقاد الخلقيدونيين بالطبيعتين والمشيئتين والفعلين فى خلقيدونية تبعاً لكتاب (طومس) لاون أسقف روما فى ذلك الوقت، ثم جاءت المحاولات فى القرن العشرين للوحدة بالبدء بالأخذ فى الإعتبار مفهوم الطبيعتين عند كلا الطرفين معتبرين أنها المفتاح أو نقطة المركز لحل الخلاف، ووصلوا إلى أن الإختلاف هو فى الألفاظ فقط. لكن هل هذا صحيح؟ الذى يفصل فى هذا، والذى يحدد قصد كل طرف من تعبيراته واصطلاحاته هو ليس وصف الطبيعتين المتحدتين أو الطبيعة الواحد من اثنين لكن مفتاح الكلام هو فى "المشيئتين"- لماذا؟
لكى نجيب على هذا السؤال يجب أن نعرف أولاَ ما هو تعريف "شخص"، ما هى المكونات أو الخصائص التى لابد أن تكون موجودة لكى نحدد طبيعة الشئ بأنه شخص؟
الشخص هو الذى له عقل (فكر)، ومشاعر، وإرادة حرة (أو مشيئة). والمشيئة هى الأهم فى الثلاث الخصائص التى ذكرناها لأن المشيئة هى المحصلة النهائية ونتيجة للفكر والمشاعر لذلك هى الأهم فى الإشارة وتحديد وجود شخص ما. إذاً نستخلص من هذا الكلام أن إيمانهم بالمشيئتين لا يعنى شئ آخر سوى إيمانهم بشخصين فى المسيح سواء كانوا يدرون ذلك أو لم يدروا، سواء أقروا ذلك أو أقروا العكس. وهذا هو نفسه الإعتقاد الذى كان ينادى به نسطور الهرطوقى وحُرم من أجله. هذا هو مفهوم الطبيعتين عند الخلقيدونيين، وإذا قالوا غير ذلك فعليهم أن يثبتوا كلامهم.
إن المشيئة هى تحدد المسئولية، أنا لى مشيئة أو حرية إرادة إذاً أنا شخص مسئول عن تصرفاتى. ومعنى هذا أن هناك مسئوليتان فى المسيح حسب اعتقادهم. ومعنى هذا أن مشيئة لاهوت الإبن غير مسئولة عن الفداء وقبول الألم والموت على الصليب والخلاص حتى إذا اتفقت مع مشيئة الناسوت، لأن الناسوت له مشيئة خاصة به، فهو المسئول عن قبول الآلام وبالتالى مسئول عن الفداء. هل هذا الكلام مقبول؟
إن الآيات التى تكلم فيها الرب يسوع عن مشيئته ومشيئة الآب لا تعنى مطلقاً أن ناسوته له مشيئة منفصلة عن لاهوته ولكن فى كل هذه الآيات كان يكلم الآب، وهذا يثبت ما أوضحناه سابقاً لأن الآب هو شخص (أقنوم) لذلك له مشيئة، والإبن هو شخص (أقنوم) لذلك له مشيئة، ومشيئة الثالوث واحدة موحدة من الإله الواحد. مشيئة الإبن واحدة مع الآب لأنه مولود منه، ومشيئة الروح القدس الذي قال عنه الكتاب المقدس، "ولكن هذه كلها يعملها الروح الواحد بعينه
قاسما لكل واحد بمفرده كما يشاء (الروح)"
(١ كور ١٢: ١١)، هي مشيئة واحدة مع الآب لأنه منبثق منه. ولم يقل الرب مشيئة لاهوتى، بل حتى أكد قائلاً، "لأننى قد نزلت من السماء لا لأعمل مشيئتي بل مشيئة الذي ارسلني" (يو  6 :  38) "وليس أحد صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء إبن الإنسان الذي هو في السماء" (يو  3 :  13) والذى هو فى السماء هو لاهوته الذى تنازل وتجسد.
"أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئاً كما أسمع أدين ودينونتي عادلة لأني لا أطلب مشيئتي بل مشيئة الآب الذي أرسلني" (يو  5 :  30)
"إني قد نزلت من السماء ليس لأعمل مشيئتي بل مشيئة الذي أرسلني"(يو  6 :  38)
"قائلا يا أبتاه إن شئت أن تجيز عني هذه الكاس ولكن لتكن لا إرادتي بل إرادتك"(لو  22 :  42)

أيضاً يقول الرب يسوع عن نفسه، "ليس أحد ياخذها مني بل أضعها أنا من ذاتي لي سلطان أن أضعها ولي سلطان أن آخذها أيضاًً هذه الوصية قبلتها من أبي"(يو  10 :  18)
ما هو مصدر هذا السلطان؟ الناسوت لا يستطيع أن يقيم نفسه بقدرته الناسوتية، لكن لاهوت الرب يسوع أقامه. "وتعين ابن الله بقوة من جهة روح القداسة بالقيامة من الأموات يسوع المسيح ربنا"(رو  1 :  4)
إذا هذه الوصية قبلها من أبيه والناسوت يقول بفمه، "لى سلطان" ويقول "أضعها أنا من ذاتى" الاهوت له السلطان (القدرة) ويقرر الرب بفم ناسوته وضع نفسه. هذا يرد على أى تعليقات على ما قاله الرب قبل الصلب، "قائلًا يا أبتاه إن شئت أن تجيز عني هذه الكاس و لكن لتكن لا إرادتي بل إرادتك"(لو  22 :  42) إنه إخلاؤه نفسه وليس مشيئة أخرى للناسوت.
والدليل أيضاً علي ذلك أنه لما حاول بطرس المقاومة بقطعه أذن عبد رئيس الكهنة، "واذا واحد من الذين مع يسوع مدّ يده واستل سيفه وضرب عبد رئيس الكهنة فقطع اذنه." (مت ٢٦: ٥١) أجابه الرب يسوع، "فقال له يسوع رد سيفك الى مكانه. لان كل الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون. أتظن أني لا أستطيع الآن أن أطلب إلى أبي فيقدم لي أكثر من اثني عشر جيشاً من الملائكة؟ فكيف تكمل الكتب أنه هكذا ينبغي أن يكون" (مت ٢٦: ٥٢- ٥٤)ـ
 ولما قال، "الآن نفسي قد اضطربت. وماذا أقول. أيها الآب نجني من هذه الساعة." (يوحنا ١٢: ٢٧) قال أيضاً، "ولكن لأجل هذا أتيت إلى هذه الساعة" (يوحنا ١٢: ٢٧)ـ
 كل هذا يوضح جلياً بما لا شك فيه أنه بإرادة واحدة قدم نفسه ولم يكن لناسوته إرادة ثانية بل هو شخص واحد بلاهوته وناسوته له إرادة واحدة.ـ  فناسوته هو الخاص به وليس شخص آخر٠ فلاهوته متحد بناسوته بطريقة غير مُدركة لذلك فهو
"شخصن" ناسوته، أي جعل ناسوته هو شخصه الخاص وإرادته الخاصة وذلك بسبب الاتحاد الكامل غير المُدرك بين الاهوت والناسوت٠
، ه والسؤال هنا الذي قد يتبادر لذهن البعض هو، هل هذا يتعارض مع كمال ناسوته أو مع أنه إنسان كامل؟ بالطبع لا، لأنه كما ذكر الكتاب المقدس أنه أخلي نفسه، "لكنه أخلى نفسه آخذاً صورة عبد صائراً في شبه الناس" (في ٢: ٧) أخلي نفسه من مجد لاهوته فلم يدع لاهوته يتدخل ليخفف الآلام أو يعمل المعجزات لصالح ناسوته٠ وكما يقول الأنبا ساويرس أسقف الأشمونين، أنه إذا كان القديسين البشر قد سمو بإرادتهم حتي أنها أصبحت حسب إرادة الرب، "واقام لهم داود ملكاً الذي شهد له ايضاً اذ قال وجدت داود بن يسّى رجلا حسب قلبي" (أعمال ١٣: ٢٢) وأيضاً يقول، "... واعطيكم رعاة حسب قلبي فيرعونكم بالمعرفة والفهم" (أرميا ٣: ١٥) فكم بالأكثر المسيح لوغس الله الذي قال عنه الكتاب، "واللوغوس صار جسداً" (يوحنا ١: ١٤) فعملياً تنازل وأخلي نفسه في خضوع كامل، وكيانياً الاهوت متحد بالناسوت اتحاد لا ينطق به٠ 

لكن محاولات الإتحاد لم تبدأ فى القرن العشرين فقط بل بدأت قبل ذلك.
ما هو المونوثيليتيزم؟ إنها كلمة يونانية تعنى "إرادة أو مشيئة واحدة" وهى استخدمت لوصف من اعتقدوا بالطبيعتين ومشيئة واحدة. 
Monothelitism (a Greek loanword meaning "one will") The Monothelites admitted the doctrine of the existence of the two natures but claimed that these natures had a common will and a common activity.
فتعليم المونوثيليت برز كمحاولة للتوفيق. اللاخلقيدونيين كان من الممكن أن يوافقوا على تعبير الطبيعتين فى المسيح فقط إذا أقر الخلقيدونيين بالمشيئة الواحدة. وربما يكون البطريرك ساويرس الأنطاكى واحد ممن قالوا أن التمييز فى الفكر فقط.
ربما باقتراح الإمبراطور هرقل (610- 641م) نُشر معتقد المشيئة الواحدة بواسطة البطريرك سرجيوس الأول القسطنطينى (610-638م) وانتشر فى باباوية هونوريوس الأول (Honorius) (625-638م).
أدين اعتقاد المونوثيليتزم فى مجمع القسطنطينية (الثالث) (الذى يعتبرونه المجمع المسكونى السادس ونحن لا نعترف به) (680-681م).
ولعل من الشخصيات المعروفة التى لها دور فى تكوين فكرة المونوثيليتزم هى المقوقس (the melchite Bishop Cyrus of Alexandria ) البطريرك الملكى للإسكندرية الذى كان وقت دخول المسلمين مصر. وهو كان بطريرك وفى نفس الوقت حاكم مدنى من قبل الإمبراطور الرومانى. وفى الواقع بسبب مجهوده فى هذه الفكرة كافأه الإمبراطور برفعه لبطريركية الإسكندرية فى ذلك الوقت٠
أدين المقوقس بعد مماته كهرطوقى بسبب هذا الإعتقاد فى مجمع لاتيران (Lateran Council) فى سنة 649م وفى مجمع القسطنطينية سنة 680م. أرأيت عزيزى القارئ كم هم متمسكون باعتقادهم المختلف عنا اختلافاً أعمق مما هو متوقع كما أثبتنا سابقاً. إنه إختلاف ليس فى الألفاظ فقط.
إذا ما لمسنا النقطة الفعلية للخلاف وهى ليست لفظ طبيعة واحدة أو طبيعتين كما هو مشهور، ولكن مفهوم هذا بدلالة الإعتقاد بالمشيئتين، إذا ما لمسنا هذا فقد وضعنا يدنا على مكان الجرح ونكون فى بداية الطريق لعلاجه.
إن محاولة الإتحاد فى القديم على أساس طبيعتين ومشيئة واحدة كان اللاخلقيدونيين مستعدين لقبولها على أساس أن الخلقيدونيين هم الآتون إليهم وليس ان اللاخلقيدونيين ذاهبون إلي خلقيدونية. والآن أى محاولة للحوار فلتبدأ بموضوع المشيئة والمشيئتين٠
ليكن هدفنا توحيد الانقسام لأن المسيح شخص (أقنوم) واحد ويريد الجميع أن يكونوا واحداً معه في وحدة، كما قال، "أنا فيهم وأنت فيّ ليكونوا مكملين إلى واحد٠٠٠" (يوحنا ١٧: ٢٣)ـ

SaintAntony.faithweb.com Copyright © 2010 Saint Antony Publications, Fr.Marcus St.Antony, All rights reserved.حقوق الطبع محفوظة

 
 
 إقرأ المزيد عن تاريخ الموضوع
 
 
المجامع المسكونية والهرطقات
  نيافة الأنبا بيشوي
 
٣٩- هرطقة ثيئودور الموبسويستي
 
Theodore of Mopsuestia  
 
أراد ثيئودور الموبسويستى أن يؤكد الإنسانية الكاملة للمسيح، واعتبر أن الإنسانية الكاملة لا تتحقق إلا إذا كان المسيح شخصاً إنسانياً لأنه اعتقد أنه لا وجود كاملاً بلا شخصية. وبهذا لم يكتفِ بتأكيد وجود طبيعة إنسانية كاملة للسيد المسيح، ولكنه تمادى إلى تأكيد اتخاذ الله الكلمة لإنسان تام يستخدمه كأداة لخلاص البشرية واعتبر أن الله الكلمة قد سكن فى هذا الإنسان بالإرادة الصالحة       (good will)، وأنه قد اتحد به اتحاداً خارجياً فقط. واستخدم عبارة اتصال conjoining- sunafeia   بدلاً من كلمة اتحاد e{nwsiõ union . وبهذا فقد جعل فى المسيح شخصين أحدهما إلهى والآخر إنسانى وقد كونا معاً شخصاً واحداً هو شخص الاتحاد (اتحاد خارجى) مشبهاً إياه باتحاد الرجل  بالمرأة.[1]
قال المؤرخ هيفلى[2] C.J. Hefele: [ثيئودور فى خطئه الجوهرى.. لم يحفظ فقط وجود طبيعتين فى المسيح، إنما شخصين أيضاً، وهو نفسه قال ليس هناك كيان subsistence  يمكن أن يظن أنه كامل بدون شخصية. لكن كما أنه لم يتجاهل حقيقة أن ضمير الكنيسة قد رفض هذا الازدواج فى شخصية المسيح، إلا أنه سعى إلى التخلص من الصعوبة وكرر القول صريحاً: "إن الطبيعتين اللتين اتحدتا معاً كونتا شخصاً واحداً فقط، كما أن الرجل والمرأة هما جسد واحد.. فإذا أمعنا الفكر فى الطبيعتين فى تمايزهما يجب علينا أن نعرف طبيعة الكلمة على أنه كامل وتام، وكذلك شخصه. وأيضاً طبيعة وشخص الإنسان على أنها كاملة وتامة. وإذا -من ناحية أخرى- نظرنا إلى الاتصال sunafeia  نقول أنه شخص واحد"[3]. إن نفس صورة الوحدة بين الرجل وزوجته تبيِّن أن ثيئودور لم يفترض اتحاداً حقيقياً لطبيعتين فى المسيح، ولكن تصوره كان لصلة خارجية بين الاثنين. علاوة على ذلك فإن التعبير "اتصال" conjoining - sunafeia   الذى يختاره هنا بدلاً من كلمة "اتحاد" union  enwsiV.. مشتق من ) sunaptw الراقصين الممسكين بأيدى بعضهم البعض فى شكل دائرة - أى يصل بعضهم بالبعض الآخر) تعبر فقط عن ارتباط خارجى، وتوطد معاً. لذلك فهو مرفوض بوضوح.. بواسطة علماء الكنيسة.]
ثيئودور الموبسويستى يتكلم عن اتحاد الله الكلمة بالإنسان يسوع وليس اتحاد اللاهوت بالناسوت، ويقول إنه اتحاد فى الكرامة والسلطة والمشيئة، وإنه اتحاد خارجى فى الصورة. لكنه عندما يتكلم عن العلاقة بين الطبيعتين يقول "اتصال". وعندما يتكلم عن الله والإنسان يقول "اتحاد" لكنه يصف نوع هذا الاتحاد فيقول عنه أنه اتحاد خارجى فى الصورة الخارجية. أما عن اللاهوت والناسوت فيقول "اتصال" وليس "اتحاد"، ويعتبر أن الروح الإنسانى هو حلقة الاتصال بين اللوغوس وبين الجسد. 
حرم المجمع المسكونى الخامس 553م ثيئودور الموبسويستى وتعليمه وكان ضمن ما قيل ضده هو أن استخدامه تشبيه اتحاد الرجل بالمرأة عن اتحاد الله الكلمة بالإنسان يسوع يعتبر وقاحة. وكان ضمن ما قاله ثيئودور أيضاً أن توما الرسول حينما قال "ربى وإلهى" (يو20: 28) لم يقلها بمعنى أن المسيح هو ربه وإلهه، إنما قالها من شدة الانبهار، مثلما يرى إنسان كنزاً من الجواهر أو حادث أليم.
كنا نحن قد حرمنا ثيئودور قبل ذلك التاريخ بزمان لأننا فى حرمنا للنسطورية حرمنا نسطور وتعليمه وكل ما يمت إليها بصلة. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). أما المجمع الخامس 553م فقد عقد لإرضاء كنائسنا، إذ حاول الإمبراطور أن يصالح الخلقيدونيين مع اللاخلقيدونيين. فحرم هذا المجمع كتابات ثيئودور الموبسويستى وثيئودوريت أسقف قورش وإيباس أسقف الرها التى تسمى Three chapters controversies  (صراع الفصول الثلاثة). أى أنهم عملوا فى المجمع الخامس ما كان يجب عمله فى مجمع خلقيدونية وكان سبباً فى اعتراضنا عليه. كان ثيئودوريت أسقف قورش وإيباس أسقف الرها (435-457م)، الذين كتبا ضد القديس كيرلس عامود الدين وضد التعليم الأرثوذكسى، كتب إيباس أسقف الرها رسالة إلى ماريس الفارسى ضد تعاليم القديس كيرلس الكبير، ولهذا فقد حرمه المجمع الثانى فى أفسس 449م برئاسة البابا ديسقورس. وللأسف حالله البابا لاون الأول بابا روما قبل انعقاد مجمع خلقيدونية. وفى خلقيدونية قُبل فى الجلسة الثامنة للمجمع بعد أن وقّع على حرم نسطور، ولكن قرئت رسالته ولم يتم حرمها، وإنما تم ذلك فى المجمع التالى فى القسطنطينية 553م لمحاولة إصلاح صورة الخلقيدونيين.
ففى هذا المجمع تم حرم كتابات ثيئودوريت أسقف قورش وإيباس أسقف الرها ضد تعاليم القديس كيرلس الكبير، كما تم حرم ثيئودور الموبسويستى وتعاليمه. وللأسف فإن إيباس قد اعتلى كرسى الرها بعد نياحة الأسقف القديس رابولا Rabula من أقوى المدافعين عن تعليم القديس كيرلس الكبير.
ففى خلقيدونية قد تم عزل البابا ديسقوروس وإلغاء الحرومات التى وضعها على ثيئودوريت أسقف قورش وإيباس أسقف الرها. فأصبحت أمامنا المشاكل التالية: أنهم فى مجمع خلقيدونية لم يحرموا شخص وتعليم ثيئودور الموبسويستى، وكذلك تعاليم ثيئودوريت أسقف قورش وإيباس أسقف الرها التى هى ضد تعليم القديس كيرلس عامود الدين. هذا بالإضافة إلى عزل البابا ديسقوروس، وأنهم لم يتكلموا عن الطبيعة الواحدة التى علّم بها البابا كيرلس الكبير، كما أنهم لم يذكروا الاتحاد الأقنومى. قالوا أن المسيح هو أقنوم واحد لكنهم لم يذكروا شئ عن الاتحاد الطبيعى أو الأقنومى. فاعتبرنا أن مجمع خلقيدونية تشوبه شبهة النسطورية خاصة فى قبوله لاثنين من أكبر أعداء الأرثوذكسية، كانا قد حُرما بواسطة مجمع مسكونى برئاسة بابا الإسكندرية، ثم حاللهم لاون الأول بابا روما قبل مجمع خلقيدونية، وضغط على المجمع حتى يدخلهما إليه ويشركهما فيه، إذ أجبر جنود الإمبراطور المجمع على قبولهما. وكان القديس كيرلس الكبير قد عانى الكثير بسببهما، بل كان الشقاق بين القديس كيرلس ويوحنا الأنطاكى بسبب ثيئودوريت أسقف قورش الذى كتب اثنا عشرة حرماً ضد حرومات القديس كيرلس عامود الدين. وحينما أمر الإمبراطور بحرق كتب نسطور كانت هناك موجة فى الشرق تتجه إلى كتابات ثيئودور الموبسويستى الذى يعتبر أب لنسطور ومعلمه ونشرت كتاباته.

9 وما ذكره كاتب كتاب "العريس" من أن اللوغوس أو اللاهوت هو العريس وأن الناسوت هو العروس أو الكنيسة، وبهذا تكون الكنيسة قد ولدت فى بيت لحم،  هو أبعد من مفهوم ثيئودور بأضعاف. لأن كاتب كتاب العريس فقال إننا جميعاً اتحدنا باللاهوت فى بطن العذراء وولدت الكنيسة فى بيت لحم. أما الإيمان الصحبح فهو أن المسيح بلاهوته وناسوته هو العريس والكنيسة هى العروس على اعتبار أنه افتداها واشتراها بدمه. قال ثيئودور نفس هذه الفكرة وهى أن اتحاد اللاهوت بالناسوت فى المسيح ليس اتحاد بل اتصال وأنه اتحاد خارجى فقط مثل اتحاد الرجل بالمرأة.
[2] C.J. Hefele, A History of the Councils of the Church, Vol III, AMS Press 1972, reprinted from the edition of 1883 Edinburgh p.6,7.
[3] Hardouin and Mansi, ll. cc. § 29; Dorner, l.c. p.52


 
٣٨- هرطقة ديودور الطرسوسي
Diodorus of Tarsus
 
إدّعى ديودور أن اللاهوت سوف ينتقص إذا كوّن الكلمة والجسد اتحاداً جوهرياً (أو أقنومياً) مشابهاً لذلك الذى ينتج عن اتحاد الجسد والنفس (العاقلة) فى الإنسان٠
(جوهريا=substantial)
فى رد فعله على ذلك (أى على فكرة تكوين الكلمة والجسد اتحاداً جوهرياً) قادته نظريته الخاصة إلى الفصل بين اللاهوت والناسوت، وهذا أوصله إلى التمييز[1]  بين ابن الله وابن داود. وقال[2]  إن الكتب المقدسة تضع حداً فاصلاً بين أفعال الابنين.. فلماذا يحصل من يجدفون على ابن الإنسان على الغفران، بينما من يجدفون على الروح (الروح القدس) لا يحصلون على الغفران؟[3]
فتش ديودور فى الكتاب المقدس كله على آية واحدة واخترع منها هرطقة. مع أن السيد المسيح مثلاً قال "إن ابن الإنسان سوف يأتى فى مجد أبيه" (مت16: 27)، وهو فى هذا القول لم يفرِّق بين ابن الإنسان وابن الله. فمع أن عبارة "مجد أبيه" تدل على أنه ابن الله، إلا أنه ذكر فى بداية القول عبارة "ابن الإنسان" ولم يفصل بينهما.
يفسر ديودور الطرسوسى قول السيد المسيح "كل من قال كلمة على ابن الإنسان يغفر له، وأما من جدَّف على الروح القدس فلا يغفر له" (لو 12: 10) بأن ابن الإنسان ليس اللاهوت أما ابن الله فهو اللاهوت، لذلك فإن من يجدّف على ابن الإنسان يجدف على الناسوت وليس اللاهوت.
لكن هذه الآية فى الحقيقة لا تعنى ذلك على الإطلاق، بل تعنى أنه حيث أن الروح القدس هو الذى يبكت الإنسان على الخطية، لذلك إذا جدَّف الإنسان على الابن سيغفر له لو تاب بواسطة تبكيت الروح القدس له، أما إذا جدف على الروح القدس فهذا يعنى أنه سيرفض عمل الروح القدس فيه، فمن الذى سيقوده إلى التوبة حينئذ؟! ومن الذى سيرشده إلى معرفة الحق. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). قال السيد المسيح "متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق" (يو16: 13). أما الذى يجدف على الروح القدس فلن يجد أحد يعرِّفه بحقيقة المسيح. الذى يجدّف على المسيح بعد فترة من الممكن أن يرشده الروح القدس، ويرجع إلى طريق الصواب ويكتشف خطأه. مثال لذلك: بولس الرسول الذى قال له السيد المسيح "أنا يسوع الذى أنت تضطهده" (أع9: 5). هو يسوع واحد، وكان بولس يضطهده فى كل الاتجاهات، فقد كان يفترى عليه، ويقول أنه ليس ابن الله. فهل كانت حرب بولس الرسول فى اضطهاده للمسيحية هى حرب ضد ابن الإنسان فقط؟ وقد كان بولس أيضاً ينكر أن المسيح هو الله. مثل جميع اليهود الذين أرادوا أن يقتلوا السيد المسيح لأنه قال أن الله أبوه معادلاً نفسه بالله (انظر يو5: 18). (إذاً فالتجديف على ابن الإنسان معناه إنكار تجسد الله الكلمة ومساواته للآب).

[1] Collected by R. Abramowski, Z.N.T.W. 42 (1949), E.g. frg. 42
[2] Collected by R. Abramowski, Z.N.T.W. 42 (1949), E.g. frg. 19: cf. frg. 42
[3] J.N.D. Kelly, Early Christian Doctrines, Chapter XI -Fourth Century
Christology - Fifth Edition-  A and C Black- London 1977 , p.303.